وضعت أوامر الرئيس جو بايدن بسحب القوات الأميركية من أفغانستان نهايةً لحرب استمرت عقدين من الزمان. قد يأمل المرء أن تنخرط واشنطن في نقاش بحثي حول الخطأ الذي حدث في هذا الصراع. حتى الآن ليس من الواضح ما إذا كان الإدراك المتأخر يجعل أميركا أكثر حكمةً.
أصدرت مؤخراً إدارة بايدن مراجعة لما بعد انسحاب الولايات المتحدة. هذه الوثيقة ليست تقييماً موضوعياً لما حدث، بل تمرين في تحويل اللوم والتبرير، إذ تلقي باللوم على الرئيس السابق ترامب، وعلى توقيعه اتفاقَ سلام كان مجرد غطاء لانسحاب الولايات المتحدة. ولا تعترف الوثيقة بأي أخطاء من جانب كبار القادة الأميركيين الحاليين.
لا يوجد اعتراف بأن الانسحاب الأميركي السريع أدى إلى زعزعة استقرار ساحة المعركة بشكل كارثي.  
ويجادل التقرير بأن الانسحاب كان انتصاراً لفن الحكم الذي يتمتع بالبصيرة.  
لكن حتى الذين انتقدوا الانسحاب، يجب أن يعترفوا بأن جوانب قرار بايدن تبدو أفضل الآن.  
كان من المحتمل أن تجد الولايات المتحدة صعوبةً أكبر في إدارة الصراع بالوكالة مع روسيا، أو التوتر مع الصين، لو ظلت تخوض حرباً أهليةً متصاعدةً في أفغانستان.
كانت الآثار الجيوسياسية للانسحاب مختلطة، فالانطباع بضعف الولايات المتحدة في أفغانستان ربما شجع روسيا على الدفع بقواتها نحو أوكرانيا. بعض الدول الحليفة قلقة بشأن ما يشير إليه الانسحاب فيما يتعلق بالتزام الولايات المتحدة وكفاءتها.
لكن الولايات المتحدة، وإلى حد كبير، استطاعت إصلاح هذا الضرر من خلال أدائها في أوكرانيا، والذي تميز بإدارة التحالف الدقيقة، والاستخبارات الدقيقة، والاستخدام البارع للقوة والتنسيق بين جوانبها.. وهي ميزات غابت إبان نهاية اللعبة في أفغانستان.
وهذا ما يقودنا إلى نقطة ثانية لصالح بايدن: لقد تعلّم فريقُه درساً رئيسياً واحداً على الأقل من أفغانستان. في عام 2021، فشل فريق جديد نسبياً للأمن القومي في الاستعداد بجدية لأسوأ سيناريو، وهو احتمال سقوط الحكومة الأفغانية قبل وصول القوات الأميركية إلى بوابات الخروج. إدارة بايدن لم ترتكب هذا الخطأ مرتين. في أواخر عام 2021، بمجرد أن أصبح واضحاً أن الحربَ قادمةٌ بين روسيا وأوكرانيا، استعدت الإدارة بشكل منهجي لللسيناريو الأسوأ، ودفعت الوكالات ذات الصلة إلى وضع خطط للاستجابة السريعة.
تلقّى بايدن هزيمةً في استطلاعات الرأي عندما سقطت كابول. والآن، يحقق مجلس النواب الذي يسيطر عليه «الجمهوريون» في الانسحاب. ومع اقتراب نوفمبر 2024، لن يمنح بايدن منافسيه السياسيين أي أسلحة إضافية لاستخدامها ضده.
إن لجنة الحرب الأفغانية غير الحزبية، المعينة من قبل الكونجرس، مكلّفةٌ بدراسة تاريخ صراع امتد 20 عاماً. وقد يكون تقريرُها رزيناً وخطيراً، لكن من المحتمل أيضاً ألا يتم تسليمه لسنوات أخرى.  

*أستاذ بارز في كلية الدراسات الدولية المتقدمة
 بجامعة جونز هوبكنز

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»